من فوتوغرافيا الوجع
"ثلاث صور للروح"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(بروفيل أول)
من خلف ماكينة الطبع لوحت له ريم بتاريخ آخر.. تاريخ بلون الفرح ، هناك حيث كان هو يقوم بصناعة الذاكرة لأفراح الآخرين ( ذلك الرجل الذي قضي عمرًا كاملاً من الألم).لم يكن وقتها يعرف الكثير عن جاذبية الذهب، فمضى مدفوعًا باهتزازة القلب الأولي نحو سماء زرقاء لم تكن تشي بالغيم .. لما فاجأته من خلف الستارة السوداء – بينما كان يفتش عن عينيها بين "كادرات النيجاتيف" – كان يومًا من الوجع الحلو هو ما استطاعه لممارسة أول طقوس فرحه المفاجئ . ـ يا الله .. كل هذه البراءة.. وأنا .. هنا آلاف الصباحات مرت في هذه الحجرة التي كانت ضيقة وكئيبة قبل ذلك الحلول الفذ لفتاة روحك .. طلوع عينيها الرحيبتين علم قلبك الرهيف اقتحام المسافات الصعبة والتخلي عن حذر السير علي أطراف المشاعر. ـ قولي يعني إيه بتحبني؟ خمسة عشر سنتيمتر هي كل ما تبقى الآن من زمن بين سنواتك المرة وتلك المساحة المدهشة من حلمك المستحيل، وهي الآن بجانبك، تجلس علي المقعد المجاور، تبتسم لك، وحدك، رأسك الآن علي صدرها، تعد نبضات القلب لتحسب سنتيمترات الدم الذي يجري في العروق، وتبكي كما لم تبك قط علي صدر أمك
من خلف ماكينة الطبع لوحت له ريم بتاريخ آخر.. تاريخ بلون الفرح ، هناك حيث كان هو يقوم بصناعة الذاكرة لأفراح الآخرين ( ذلك الرجل الذي قضي عمرًا كاملاً من الألم).لم يكن وقتها يعرف الكثير عن جاذبية الذهب، فمضى مدفوعًا باهتزازة القلب الأولي نحو سماء زرقاء لم تكن تشي بالغيم .. لما فاجأته من خلف الستارة السوداء – بينما كان يفتش عن عينيها بين "كادرات النيجاتيف" – كان يومًا من الوجع الحلو هو ما استطاعه لممارسة أول طقوس فرحه المفاجئ . ـ يا الله .. كل هذه البراءة.. وأنا .. هنا آلاف الصباحات مرت في هذه الحجرة التي كانت ضيقة وكئيبة قبل ذلك الحلول الفذ لفتاة روحك .. طلوع عينيها الرحيبتين علم قلبك الرهيف اقتحام المسافات الصعبة والتخلي عن حذر السير علي أطراف المشاعر. ـ قولي يعني إيه بتحبني؟ خمسة عشر سنتيمتر هي كل ما تبقى الآن من زمن بين سنواتك المرة وتلك المساحة المدهشة من حلمك المستحيل، وهي الآن بجانبك، تجلس علي المقعد المجاور، تبتسم لك، وحدك، رأسك الآن علي صدرها، تعد نبضات القلب لتحسب سنتيمترات الدم الذي يجري في العروق، وتبكي كما لم تبك قط علي صدر أمك
(بروفيل ثان)
عندما أطلقت صرختها الأولي، اهتزت درجات السلم بعنف تحت قدميه، وفقدت الأشياء من حوله تماسكها،ثم رويدً رويدًا تلاشت
عندما أطلقت صرختها الأولي، اهتزت درجات السلم بعنف تحت قدميه، وفقدت الأشياء من حوله تماسكها،ثم رويدً رويدًا تلاشت
لما أفاق، كانت مازالت صرخاتها تستكمل إعلان حالة الوفاة لتجمع من سيقومون بمراسم الدفن وطقوس الوداع. في الصباح ناحت خلف النعش، وتمرغت في الوحل، وحملت علي رأسها الطين. وفي الظهيرة رددت بكائية بمشاركة بعض النسوة المعزيات. وفي المساء سبتهما معًا ثم نامت يومين كاملين استيقظت بعدهما لتأخذ حمامًا استمر ثلاث ساعات كاملة، تخلصت فيه من آثار عشرة دامت خمسة وعشرين عامًا من العراك اليومي، أسقطت علي رأس أبيه كل أسباب الشقاء منذ أخذها ـ من الدار للنار ـ طفلة تقذف بقدمها علب الورنيش المملؤة بالرمل علي مستطيلات الحجلة فوق بلاط حوش منزل جده الكبير ذو السلالم والأسقف و"البلكونات" الخشبية، والتي كان يلقي من ثقوب خشبها خيوط الماء علي رؤوس عساكر الإنجليز المارين من ميدان الأربعين عبر شارع مصطفي كامل باشا إلي "الهاويس". ذلك المنزل الذي أحبه كثيرًا عندما رآه للمرة الأخيرة كومة كبيرة من التراب بعد أن دكته مدافع اليهود .. بينما هو وبعد أن تأكد من الغياب الأبدي لذلك الرجل الوحيد الذي أحبه بصدق ـ ربما كان ذلك حقيقيًا، وربما يعتقد ذلك لأنه مات ـ يتأهب لمواجهة الحياة بمفرده .. وحيدًا كخيال حقل في موسم للجراد
(بورتريه)
وحيدًا كما كان .. بينما تنسحب أخر خيوط الضوء من عينيه .. علي المقعد الرخامي بمحاذاة النهر، واضعًا روحه المتعبة .. جلس .. تداعب أنامله المرتعشة ما تناثر من ذاكرة الحلم .. حوائط البيت القديم .. وجه أبيه في العشاء الأخير .. صورتها في القلب وهي تنمو في انتظاره فارسًا لبراءة الحلم، فاتحًا لممالك العشق في عينيها السوداوين، تروي بملامحه خضار أنوثتها، وتحمل علي صدرها وسائد أحلامه الصعبة والمدهشة كخيال طفل لم يبرح بعد بياض نوازعه في موعد لا يجئ