أرواح صغيرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منذ أن جاءت بها خلسة إلي هناك .. عندما كان يخرج هو لصلاة الفجر .. تذهب متسللة في حذر .. تدفع باب " المنور برفق وتدخل لتبحث عنها بين " الكراكيب" القديمة، ولما لا تجدها، تضم شفتيها الصغيرتين للأمام محدثة صفارة رفيعة تعرفها هي جيدًا، فتأتي مهرولة إليها .. تلف جسدها الضئيل الناعم حول الساق الرقيقة وتمسحها برأسها الصغيرة، ولما تجلس علي ركبتيها فتصعد إلي صدرها، تربت في حنو علي ظهرها وتحملها بين كفيها وتضعها علي قطعة الفراء، ثم تفتح الكيس البلاستيك وتبدأ في إخراج تلك الأشياء التي أعدتها لها
منذ المحاولة الرابعة بدأ الشك يتسلل إلي نفس الحاج، ومنذ أن بدأت عيناها العميقتان اللتان تضيئان في الظلام تغرزان في نفسه بذور رهبة مبهمة. بدا له أن معاركه معها لم تعد متكافئة "هذه القدرة علي المراوغة ليست لحيوانات عادية" (هكذا حدثته نفسه) ، فغرابة هذا الظهور المفاجئ والاختفاء الأكثر فجائية قد أمالا عقله إلي منطق زوجته
دى أرواح يا حاج .. والله العظيم أرواح -
كانت تعرف أن للتوائم أرواحًا تخرج بالليل في هيئة القطط .. تهبط علي أسطح المنازل، تخطف الطير من أعشاشها، وتتسلل إلي مطابخ البيوت فتسرق ما تيسر من لحم وجبن. تعرف أيضًا أن كل ما يصيب هذه القطط المزيفة أثناء سعيها بالليل يترك أذاه علي جسد صاحبها النائم في الفراش، وإذا ما ماتت إحدى هذه القطط فإن صاحبها النائم في الفراش لا يستيقظ أبدًا، كما أن هذه الأرواح المقنعة لا تترك فرصة إيذاء من أذاها، وإذا ما حدث وقتل شخص ما واحدًة منها فإن قرينتها روح توأم صاحبها لا تدع هذا الشخص دون انتقام
هكذا قالت زوجة الحاج للحاج مؤكدًة تصورها هذا بأن حكت له قصة عبد الرازق توأم جار أخيها الذي خرجت روحه القطة كعادتها كل ليلة طلبًا للرزق فأصابتها إحدى الجارات بعصاها الغليظة وهي تقفز من نافذة المطبخ، وعندما استيقظ عبد الرازق وجدوا ساقه مكسورة، ثم ألحقتها بقصة المرأة التي وجدوها ميتًة في صباح تلك الليلة التي اقتحمت فيها إحدى هذه القطط نافذة حجرتها وهي مستلقيًة في الفراش فنشبت مخالبها في رقبتها ولم تتركها إلا جثًة انتقامًا لروح أختها التي هوت المرأة علي رأسها بالساطور وهي تحاول الهرب بنصف الدجاجة التي أعدتها للعشاء في الليلة السابقة
ارتجف قلبه وهي تنظر إليه مقوسًة ظهرها ونافخًة شعرها كقنفذ ومكشرًة عن أنيابها، ولما فاجأته بهجمةٍ سريعة من مخلبها عندما لم تدرك لنفسها مخرجًا من حصاره .. تراجع عن موقفه تمامًا في اللحظة التي كان الحاج يصارح فيها زوجته برؤيته الجديدة حيالها، كانت الطفلة الصغيرة ما تزال تحاول وضع "الفيونكة" الحمراء المصنوعة من قطيفة فستانها القديم حول عنق القطة المستسلمة لرغبتها وهي تلعق بقايا الحليب في الطبق الصغير بجوار الحائط
منذ المحاولة الرابعة بدأ الشك يتسلل إلي نفس الحاج، ومنذ أن بدأت عيناها العميقتان اللتان تضيئان في الظلام تغرزان في نفسه بذور رهبة مبهمة. بدا له أن معاركه معها لم تعد متكافئة "هذه القدرة علي المراوغة ليست لحيوانات عادية" (هكذا حدثته نفسه) ، فغرابة هذا الظهور المفاجئ والاختفاء الأكثر فجائية قد أمالا عقله إلي منطق زوجته
دى أرواح يا حاج .. والله العظيم أرواح -
كانت تعرف أن للتوائم أرواحًا تخرج بالليل في هيئة القطط .. تهبط علي أسطح المنازل، تخطف الطير من أعشاشها، وتتسلل إلي مطابخ البيوت فتسرق ما تيسر من لحم وجبن. تعرف أيضًا أن كل ما يصيب هذه القطط المزيفة أثناء سعيها بالليل يترك أذاه علي جسد صاحبها النائم في الفراش، وإذا ما ماتت إحدى هذه القطط فإن صاحبها النائم في الفراش لا يستيقظ أبدًا، كما أن هذه الأرواح المقنعة لا تترك فرصة إيذاء من أذاها، وإذا ما حدث وقتل شخص ما واحدًة منها فإن قرينتها روح توأم صاحبها لا تدع هذا الشخص دون انتقام
هكذا قالت زوجة الحاج للحاج مؤكدًة تصورها هذا بأن حكت له قصة عبد الرازق توأم جار أخيها الذي خرجت روحه القطة كعادتها كل ليلة طلبًا للرزق فأصابتها إحدى الجارات بعصاها الغليظة وهي تقفز من نافذة المطبخ، وعندما استيقظ عبد الرازق وجدوا ساقه مكسورة، ثم ألحقتها بقصة المرأة التي وجدوها ميتًة في صباح تلك الليلة التي اقتحمت فيها إحدى هذه القطط نافذة حجرتها وهي مستلقيًة في الفراش فنشبت مخالبها في رقبتها ولم تتركها إلا جثًة انتقامًا لروح أختها التي هوت المرأة علي رأسها بالساطور وهي تحاول الهرب بنصف الدجاجة التي أعدتها للعشاء في الليلة السابقة
ارتجف قلبه وهي تنظر إليه مقوسًة ظهرها ونافخًة شعرها كقنفذ ومكشرًة عن أنيابها، ولما فاجأته بهجمةٍ سريعة من مخلبها عندما لم تدرك لنفسها مخرجًا من حصاره .. تراجع عن موقفه تمامًا في اللحظة التي كان الحاج يصارح فيها زوجته برؤيته الجديدة حيالها، كانت الطفلة الصغيرة ما تزال تحاول وضع "الفيونكة" الحمراء المصنوعة من قطيفة فستانها القديم حول عنق القطة المستسلمة لرغبتها وهي تلعق بقايا الحليب في الطبق الصغير بجوار الحائط